-
عام على الانسحاب من أفغانستان.. "الفشل" المتوّج بقتل الظواهري بـكــابــول
استولى تنظيم طالبان في 15 أغسطس 2021، على العاصمة الأفغانية كابول، استكمالاً لاحتلالها على أغلب أراضي البلاد مع بدء الانسحاب الأميركي، حيث أنهت الولايات المتحدة عملية انسحاب قواتها العسكرية من أفغانستان نهائياً في أغسطس 2021، بعد عملية إجلاء جوي امتدت لأكثر من أسبوعين من مطار كابول، بالتزامن مع استيلاء تنظيم طالبان على السلطة، وفرار الرئيس السابق أشرف غني.
أخطاء أمريكية
ولا شك في أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، كان نكسة كبيرة لجهود محاربة التنظيمات الإرهابية، ورسالة سلبية لداعش والنصرة وغيرهم من التكفيريين والجهاديين، من أنه قد تنقلب الآية في يوم ما لصالح الإقرار بهم، على شاكلة الوضع في إيران، التي لا يقل النظام فيها، قتامةً وتزمتاً وقمعاً للحريات الشخصية، عما هو اليوم في أفغانستان، أو المناطق التي يوجد فيها نفوذ للمتطرفين، أياً كانت مسمياتهم.
وبالصدد، قدمت في أكتوبر العام الماضي، مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بقيادة تامي دكوورث، مشروع قانون إلى الكونغرس يدعو إلى إنشاء لجنة لدراسة جميع جوانب الحرب في أفغانستان، حيث أكدت أن تحليل الصراع سيساعد حكومة الولايات المتحدة على تجنب "نفس الأخطاء" في المستقبل.
وجاء في الوثيقة: "هدف اللجنة يكمن في دراسة الحرب في أفغانستان، واستخلاص الاستنتاجات الاستراتيجية، ووضع توصيات لحكومة الولايات المتحدة، ولصانعي السياسة الأمريكية في المستقبل، وكبار القادة العسكريين الأمريكيين"، بغية دراسة جميع القضايا المتعلقة بالأعمال القتالية والعمليات الاستخباراتية وأنشطة دعم إعادة الإعمار.
ووفقا للجنة، ستضمن نتائج عملها للولايات المتحدة ليس فقط استنتاج العبر والدروس الصحيحة من فترة تواجدها خلال 20 عاما في أفغانستان، بل ولن تسمح بتكرار نفس الأخطاء في المستقبل.
بايدن وتحقيق للجيش
فيما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، في فبراير الماضي، إنه يرفض نتائج تحقيق أجراه الجيش، وأفاد فيه بأن "إدارته فشلت في الاستعداد والرد بشكل كاف لاستيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان"، وفي مقابلة مع شبكة nbc news، أجاب بايدن بالنفي عندما سئل عما إذا كانت إدارته تنكر الوضع الذي أدى إلى سقوط أفغانستان، وعن روايات المسؤولين العسكريين في تقرير الجيش، قال بايدن: "أنا أرفضها"، مضيفاً: "ليس هناك وقت جيد للخروج، لكن إذا لم نخرج فقد أقروا بأنه كان علينا إعادة المزيد من القوات إلى الجحيم".
وأوضح أنه "كان سيتعين علينا زيادة عدد القوات بشكل كبير وبالتالي العودة إلى حرب الاستنزاف هذه.. لذا فإن هذا القرار (الانسحاب) كان القرار الأكثر حكمة للقيام به".
لكن تقريراً أمريكياً في مايو، حملّ الرئيس السابق: دونالد ترامب" والرئيس الحالي جو بايدن، مسؤولية "الانهيار الكارثي" في الجمهورية الأفغانية، والاستيلاء عليها من قبل حركة "طالبان"، ووفقا لتقرير قدمه مكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان إلى الكونغرس الأمريكي، فإن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، دمر الروح المعنوية للجيش الأفغاني، لأنه كان يعتمد على الدعم العسكري الأمريكي.
وأضاف التقرير: "تسببت الصفقة الثنائية للرئيس السابق دونالد ترامب مع حركة "طالبان" في 29 فبراير 2020، وقرار الرئيس جو بايدن بالتمسك بها، في تفكك قوات الأمن الأفغانية"، كما لفت إلى ان "هذا التفكك دفع أعضاء بارزين في الحكومة الأفغانية، بمن فيهم الرئيس أشرف غني ومستشاره للأمن القومي، حمد الله محب، إلى الفرار من البلاد مع دخول "طالبان" إلى العاصمة كابول في 15 أغسطس 2021".
وقال المفتش العام لشؤون إعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، إن الحد من الضربات الجوية بعد توقيع اتفاق الولايات المتحدة وطالبان أفقد قوات الدفاع الوطني الأفغانية ميزة رئيسية في ردع "طالبان"، بحسب التقرير، إذ بعد توقيع الاتفاق مع "طالبان"، انخفض الدعم العسكري الأمريكي للقوات الأفغانية، الذي تضمن أيضاً انخفاضاً في الضربات الجوية في عام 2020 بعد مستوى قياسي مرتفع في العام السابق.
وبحسب التقرير، تم دعم الجيش الأفغاني والقوات الخاصة والقوات الجوية والشرطة العسكرية بما يقرب من 90 مليار دولار من المساعدات الأمنية الأمريكية بين عامي 2002 و 2021، وضاعف الانسحاب السريع من تدني الرواتب في الجيش الأفغاني والتي لم يتم دفعها في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى سوء الخدمات اللوجيستية، ما أدى إلى عدم وصول الطعام والذخيرة إلى عناصر الجيش الأفغاني، والتي انتهى بها الأمر في كثير من الأحيان في أيدي "طالبان".
الانسحاب المضر بمكافحة الإرهاب
فيما أكد زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، في يونيو الماضي، أن الانسحاب الفاشل من أفغانستان أضر بقدرات الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وأضاف أنه بدون وجود مخابرات بشرية أو قواعد في أفغانستان، تعاني الولايات المتحدة من ضعف في مواجهة التهديدات الإرهابية الناشئة، مشيراً إلى أن "مصادر واشنطن على الأرض تجف تماماً كما كان متوقعاً".
كذلك، قال إن "حكومة طالبان وحقاني في كابل ليست مجرد دولة راعية للإرهاب، بل إنها حكومة مكونة من إرهابيين وخاطفين، ولها علاقات عميقة بالقاعدة".
ووصف قرار الرئيس جو بايدن بأنه "واحد من أسوأ قرارات السياسة الخارجية في التاريخ الأميركي"، كذلك، أكد أكثر من مرة في السابق أن الوضع الحالي أسوأ من انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام، بسبب التهديد الإرهابي الذي سيبقى على الأرض بمجرد مغادرة القوات الأميركية لأفغانستان.
ولعل ما يثبت صحة تلك الفرضية، مقتل زعيم تنظيم القاعدة في أفغانستان، أيمن الظواهري، عبر غارة أميركية، بداية أغسطس الجاري، في أفغانستان، حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المنزل الذي كان به الظواهري يرجع لأحد كبار مساعدي سراج الدين حقاني وزير داخلية طالبان، بينما بينت صحيفة "واشنطن بوست" أن الظواهري كان في منزل بالحي الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية كابول.
وقد صرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأن "حركة طالبان المتطرفة خرقت التزاماتها ووعودها وخانت الشعب الأفغاني بقبولها وإخفائها" لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول، وجاء في بيان صدر عن بلينكن: "بقبولها وإخفائها لزعيم تنظيم القاعدة في كابل انتهكت حركة طالبان بشكل صارم اتفاقية الدوحة ووعودها العديدة للعالم بأنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الإرهابيين لخلق تهديدات لأمن الدول الأخرى"، وأضاف: "كما خانت الحركة الشعب الأفغاني وسعيها المعلن الخاص للاعتراف (بسلطتها في أفغانستان من قبل الدول الأخرى) وتطبيع (العلاقات) مع المجتمع الدولي".
عام عقب الانسحاب
في حين أصدر السيناتور الأميركي جيم ريش، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في الحادي عشر من أغسطس، بياناً قبل الذكرى السنوية الأولى لسقوط كابول في 15 أغسطس، في أيدي طالبان وانسحاب الولايات المتحدة الخطير من البلاد، حيث قال في بيانه: "عام واحد منذ سقوط كابول في أيدي طالبان وانسحاب الولايات المتحدة الأميركية العشوائي من أفغانستان، وما زلنا لا نملك إجابات كاملة عن الكيفية التي فشلت بها إدارة بايدن في توقع انهيار البلد ولم يكن لديها خطة فعالة للإخلاء".
وأضاف ريش: "المواطنون الأميركيون والشركاء الأفغان لايزالون عالقين وعشرات الآلاف من المعدات الأمنية الخاصة عالقة في أفغانستان، وحقوق الإنسان الخاصة بالنساء والفتيات قد اختفت تقريبًا، وعادت القاعدة بوضوح إلى أفغانستان، والمخاوف من الإرهاب آخذة في الازدياد، ونفتقر إلى الضمانات الكافية لضمان عدم ذهاب مساعدات الولايات المتحدة إلى أيدي طالبان"، وأردف قائلاً: "أكثر من ذلك فإن إيواء طالبان لأيمن الظواهري يبرز كيف لا يمكن الوثوق بطالبان بعد تجاهلها الالتزامات التي تعهدت بها في اتفاقية الدوحة".
وتابع ريش "من أجل منع حدوث كارثة مماثلة مرة أخرى، من الضروري أن تحقق إدارة بايدن بجدية في الأخطاء التي حدثت وتتعلم من تلك الأخطاء"، مضيفاً أن حقيقة مرور عام ولم نشهد بعد أي تقارير شاملة أو تصحيحات للسياسة ليست مقلقة فحسب، ولكنها غير مقبولة.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!